الغَرُورُ هو كل ما غَرَّ الإِنسانَ من مال ، أَو جاه ، أَو شهوة ، أَو إِنسان ، أَو شيطان .
وفي التنزيل العزيز : الحديد آية 14 ( (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الغَرُورُ ) ) .
كثيرا ما أصادف في حياتي اليومية العديد من الأشخاص المغرورين ؟! إما لشهاداتهم ..إما لمراكزهم ..إما لنجاحاتهم وقدرتهم
على تكرارها ..و تفوقهم الرائد في مجال معين ..والقدرة على تجاوز الصعوبات في المواقف المحرجة ،
والحكمة في التعامل ..وتلك أمور إيجابية .
بيد أن التحليلات النفسية للغرور تقول "إن الغرور هو تصرف نابع بسبب نقص في الانسان لذا يحاول تغطيته بالغرور و التكبر "
اتفق معها أحيانا ..وهي بالطبع تشمل بعض المغرورين ممن لا يملكون تلك الصفات أو حتى بعضها ..لكن لحظة ؟!
هذا مبرر جائز لغرور هؤلاء الأشخاص .ولعل هذا ما جعل البعض يخلط بين الثقة بالنفس والغرور فإذا ما قارنا الثقة
بالنفس مع بالغرور نجد أن الغرور شعور بالعظمة وتوهم الكمال ، اي ان الفرق بين الثقة بالنفس وبين الغرور
هو أن الأولى تقدير للامكانيات المتوافره ، اما الغرور فهو فقدان أو إساءة لهذا التقدير .
من المعروف أن الشخصية القوية لا تستفز بسهولة ...لكن ثمة مواقف تثير غضبك وإستفزازك من بينها تصرفات
المغرورين ...فأذكر ذلك الشاب الوسيم ..المهندس المتفوق ...المدير المالي لمؤسسة والده . والتي قبلت للعمل فيها .
ومع أول يوم في الدوام دخل لمكتبه وكأنه كائن فضاء نازل ..إسم الله .الموظفين والعمال والسكرتارية الكل يجري
لإستقباله _في الحقيقة ما كان عندي خلفية عن الوضع بقيت على مكتبي ولم أهتم_ طبعا إستفسرت عنه و كان
حضوره أبلغ مما قالته زميلاتي السابقات . لم يتوقف الأمر هنا مع مرور الأيام لاحظت مدى قسوة وسوء معاملته
للموظفين ..وخاصة ممن يعملون في التنظيف والبوفيه ..كثيرا ما كنت أراه يصرخ في وجه الآذن الذي يقدم له القهوة يوميا
ويمنعه من الجلوس عند إنتهاء العمل وحتى أحيانا يصل الأمر لضربه ...لكن من أبرز المواقف التي أثارت غضبي عندما
صادفت ذلك الرجل المسن صاحب الوجه الحزين لضعفه وإضطراره يقدم له القهوة وقد قام ذلك الشاب برمي فنجان
القهوة الساخن في وجه ذلك المسكين لأنه على ما يبدو شم رائحة كريهة في الفنجان .أيا كان ..لا أعلم ماذا حصل لي
شعرت أن كتلة من النار خرجت من قلبي تريد حرقه ...قلت له وبغضب :" إنت شخص ما عندك زوق..ولا ذرة من الإنسانية
..لا تظن أن شهادة الهندسة قد تعطيك ما تفتقده ؟! " وخرجت من المكان وكرهت العمل والمكان بأكمله ..
للأمانة تركت العمل ليست لهذا السبب فقط ..ولكن عدة أمور تجمعت أيضا فمن شدة غروره كان يتدخل في الأعمال
المتعلقة بنا لا لشئ سوى إثبات حنكته وبراعته .. لا أعلم لم أعتد على هذه التصرفات فيمكن هاي أول مرة بشوف
أشخاص لهذا الحد من الغرور والتكبر ولاسيما أن والدته كانت أيضا تعمل معنا وهي أشد غرورا من إبنها.
ختاما , كثيرا ما أشعر بأن حالي أفضل بكثير ممن حولي ولكن لا أتكبر على أحد ..ولا أسعى لإظهار نفسي والتباهي
بقدراتي ..لكن أرفع يدي للسماء وأقول :"الحمدلله الذي فضلني على كثيرا ممن خلق تفضيلا".
أترك لأقلامك حرية التعبير ..ولكن تساؤولي ..
_كيف تتعامل مع الشخص المغرور "الذي يتباهى بغروره"؟!
_هل صحيح ان النجاح والتفوق يعطي الإنسان نوع من الغرور ..وهو شئ مبرر لكن يجب أن
لا يتجاوز حد معين؟!
_إذن,، هل للغرور حدود كما يقال؟!
الرئيسية 
