بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: ( وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (98) ) ( سورة المؤمنون )
إننا نعيش في مجتمع تتصارعه المشكلات ، وتخيم عليه الهموم والأحزان وذلك لبعد أكثر الناس عن منهج الله ، والاكتفاء بالإسلام قولا وإهماله عملا ، وحينما يصبح هوى الإنسان قائده فإنه في المهالك يرديه فيعيش متخبطا متقلبا لايعرف الهداية ولا الاستقرار.
اخواني واخواتي اعلموا اولآ ان اشد ما على الشيطان الاستغفار يشكل عالم الشياطين العدو الخفي والأشد ضراوة على بني آدم، فهو لا يفتأ يفسد أخلاق بني آدم وعقائدهم، ويورث بينهم العداوة والبغضاء، لذلك فلا غرو أن تتواتر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في بيان خطر هذا العدو، وسبل إضلاله وإفساده، حتى يحذره الناس، ويكونوا في مأمن من مكره وشره .
وقد بسط الله سبحانه القول في الشيطان في آيات كثيرة، وأوضح طرائق إضلاله وإغوائه في بيان جلي أقام به الحجة على الخلق، وأزال به كل عذر لمعتذر.فمن تلك الآيات قوله تعالى:{ إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير }(فاطر: 6) وهذا إعلان صريح بعداوة الشيطان لبني آدم عداوة لا هوادة فيها ولا مجاملة، وأن على العباد أن يقابلوا هذه العداوة بمثلها، { فاتخذوه عدوا } .
ولم يكتف بهذا الإعلان وإنما أتبعه بآيات كثيرة تبين سبل إغواء الشيطان وإضلاله للعباد، فقال سبحانه: { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر }( النور:21) ففي هذه الآية بيان للطريقة التي يتعامل بها الشيطان مع ضحاياه، فهو لا يهجم عليهم دفعة واحدة ليخرجهم من الإيمان إلى الكفر، ومن الطاعة إلى المعصية، بل يتدرج للوصول إلى هدفه، وينظر نقاط الضعف في الشخص، ويحاول أن يلج من خلالها، فإن وجد فيه قوة في دينه أتاه من جانب المباحات، وحرّضه على الإكثار منها ليضيّع عليه بعض المستحبات، ثم لا يزال به حتى يتهاون بالسنن، وهكذا حتى يتهاون في الواجبات .
قال صلى الله عليه وسلم: ( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ) رواه مسلم فينبغي على المسلم الحريص أن يستعيذ بالله من شر الشيطان وشركه، وأن يكون على بصيرة من وجوه مكره وحيله حتى يستطيع أن ينجو منها، وأن يسمو بنفسه عن شهواتها فالشهوات بريد المعاصي والسيئات .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : إن إبليس يضع عرشه على الماء ، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ، يجيء أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا ، فيقول : ما صنعتَ شيئا . قال : ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرّقت بينه وبين امرأته . قال : فيُدنيه منه ، ويقول : نِعْمَ أنت . قال الأعمش : أراه قال : فيلتزمه . رواه مسلم .
همسة :
أعلم أنّ كل مؤمن يبتلى ويثيبه الله تعالى على بلائه إذا صبر واحتسب وفوض أمره إلى الله تعالى.